15‏/02‏/2018

قال الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش: ت 625هـ

قال الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش: ت 625هـ
قال الإمام مولاي عبد السلام بن مشيش: ت 625هـ
- لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله، ولا تجلس إلا حيث تأمن غالبا من معصية الله، ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة الله، ولا تصطف لنفسك إلا من تزداد به يقينا (وَقَلِيلٌ مَا هُمْ).[1]
- سيئتان قل ما ينفع معهما كثرة الحسنات: السخط لقضاء الله، والظلم لعباد الله، وحسنتان قل ما يضر معهما كثرة السيئات: الرضا بقضاء الله، والصفح عن عباد الله.[2]
- أربعة من كن فيه احتاج الخلق إليه وهو غني عن كل شيء: المحبة لله تعالى، والغنى بالله، والصدق، واليقين. الصدق في العبودية، واليقين بأحكام الربوبية، (وَمَن أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُون).[3]
- عليك بالزهد في الدنيا، والتوكل على الله، فإن الزهد في الدنيا أصل الأعمال، والتوكل على الله رأس في الأحوال.[4]
- إلزم بابا واحدا تفتح لك الأبواب، واخضع لسيد واحد تخضع لك الرقاب، قال تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إلاّ عِنْدَنَا خَزَائِنُه)، (فَأَيْنَ تَذْهَبُون).[5]
- لا تتهم الله في شيء، وعليك بحسن الظن به في كل شيء، فلا معنى للخوف من شيء، لأنه: عند كل شيء، ومع كل شيء، وفوق كل شيء، وتحت كل شيء، وقريب من كل شيء، ومحيط بكل شيء.[6]
- الزم الطهارة من الشرك، كلما أحدثت تطهرت من دنس حب الدنيا، وكلما ملت إلى الشهوة، أصلحت بالتوبة ما أفسدت بالهوى أو كدت.[7]
- لا تصحب من يؤثر نفسه عليك فإنه لئيم، ولا من تؤثر نفسك عليه فإنه قل ما يدوم.[8]
- أفضل الأعمال أربعة بعد أربعة: المحبة لله، والرضا بقضاء الله، والزهد في الدنيا، والتوكل على الله، هذه أربعة، وأما الأربعة الأخرى: القيام بفرائض الله، والاجتناب لمحارم الله، والصبر على ما لا يعني، والورع من كل شيء يلهي.[9]

الهوامش:

[1] - سلسلة أعيان من شيوخ الشاذلية بالمغرب، دار الكتب العلمية، ط1، 2006م، تحقيق: محمد بن محمد المهدي التمسماني، ص: 40/2.
[2] - نفسه، ص: 41.
[3] - نفسه، ص: 42.
[4] -القطب الشهيد عبد السلام بن مشيش، للدكتورعبد الحليم محمود، دار المعارف،القاهرة،1997م، ص: 72.
[5] - نفسه، ص: 104.
[6] - نفسه، ص: 105.
[7] - نفسه، ص: 107.
[8] - نفسه، ص: 112.
[9] - نفسه، ص: 114-115.

29‏/01‏/2018

كيفية تأدية صلاة الجنازة عند المالكية مع احكامها



(احكام صلاة الجنازة عند المالكية ) لصلاة الجنازة عند المالكية احكام منها :
الحكم :
**/ ذهب المالكية إلى أن الصلاة على الجنازة فرض على الكفاية.
**/ شروط صلاة الجنازة:
يشترط لصحة صلاة الجنازة ما يشترط لبقية الصلوات من الطهارة الحقيقية بدناً وثوباً ومكاناً، والحكمية، وستر العورة واستقبال القبلة، والنية، سوى الوقت.
ويشترط لها أيضاً ما يلي:
أولها: إسلام الميت لقوله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا** [التوبة:84].
والثاني: طهارته من نجاسة حكمية وحقيقية في البدن، فلا تصح على من لم يغسل، ولا على من عليه نجاسة، وهذا الشرط عند الإمكان.
والثالث: تقديم الميت أمام القوم فلا تصح على ميت موضوع خلفهم.
والرابع: حضوره أو حضور أكثر بدنه أو نصفه مع رأسه.
والخامس: أن تعلم حياته قبل موته.
والسادس: ألا يكون شهيدا وهو من مات في معترك الجهاد.
**/ أركانها:
- النية.
- أربع تكبيرات لا يزاد عليها ولا ينقص.
- الدعاء للميت بين التكبيرات بما تيسر، ويدعو بعد الرابعة إن أحب.
- تسليمة واحدة يجهر بها الإمام بقدر التسميع.
- القيام لها لقادر على القيام.
وأما سننها:
قال المالكية ليس لصلاة الجنازة سنن بل لها مندوبات،
- رفع اليدين حذو المنكبين عند التكبيرة الأولى فقط.
- ابتداء الدعاء بحمد الله و الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
- إسرار الدعاء.
- وقوف الإمام وسط الميت الذكر وحذو منكبي الأنثى.
فمن المأثور ما حفظ عوف بن مالك من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة "اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار" [أخرجه مسلم].
** الدعاء للميت:
الدعاء عند المالكية والحنابلة ركن، ولكن عند المالكية يدعو عقب كل تكبيرة حتى الرابعة، وفي قول آخر عندهم لا يجب بعد الرابعة كما تقدم، وأقل الدعاء أن يقول: اللهم اغفر ونحو ذلك.
وأحسنه أن يدعو بدعاء أبي هريرة وهو أن يقول: بعد حمد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن أمتك، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك وأنت أعلم به، اللهم إن كان محسناً فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده.
ويقول في المرأة: اللهم إنها أمتك وبنت عبدك وبنت أمتك، ويستمر في الدعاء المتقدم بصيغة التأنيث،
ويقول في الطفل الذكر: اللهم إنه عبدك وابن عبدك أنت خلقته، وأنت أمتَّه وأنت تحييه، اللهم اجعله لوالديه سلفاً وذخراً، وفرضا وأجرا، وثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، ولا تفتنا وإياهما بعد، اللهم ألحقه بصالح سلف المؤمنين في كفالة إبراهيم.
ويزيد في الكبير: وأبدله دار خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وعافه من فتنة القبر وعذاب جهنم.
**/ صفة صلاة الجنازة:
وكيفية الصلاة على المشهور: أن يكبر، ثم يبتدئ بحمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم الصلاة الابراهيمية، ويدعو للميت، يقول هذا إثر كل تكبيرة، ويقول بعد الرابعة: اللهم اغفر لحينا وميتنا وحاضرنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم متقلبنا ومثوانا، ولوالدينا ولمن سبقنا بالإيمان وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان، ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام، وأسعدنا بلقائك، وطيبنا للموت وطيبه لنا، واجعل فيه راحتنا ومسرتنا. ثم يسلم.
**/ ما يفعل المسبوق في صلاة الجنازة:
قال المالكية: إذا جاء والإمام مشتغل بالدعاء فإنه يجب عليه أن لا يكبر حتى إذا كبر الإمام كبر معه، فإن لم ينتظر وكبر صحت صلاته ولكن لا تحتسب تكبيرته هذه، سواء انتظر أو لم ينتظر، وإذا سلم الإمام قضى المأموم ما فاته من التكبير سواء رفعت الجنازة فوراً أو بقيت، إلا أنه إذا بقيت الجنازة دعا عقب كل تكبيرة يقضيها، وإن رفعت فوراً والى(تابع) التكبير ولا يدعو لئلا يكون مصلياً على غائب والصلاة على الغائب غير مشروعة عندهم.
ترك بعض التكبيرات:
ولو سلم الإمام بعد الثالثة ناسياً كبر الرابعة ويسلم.
وقال المالكية: إن كان النقص من الإمام عمداً بطلت صلاة الجميع، وإن سهواً سبح المأمومون، فإن رجع عن قرب وكمل التكبير كملوا معه وصحت صلاة الجميع، وإن لم يرجع أو لم ينتبه إلا بعد زمن طويل كملوا هم، وصحت صلاتهم وبطلت صلاته.
الصلاة على جنائز مجتمعة:
اتفق الفقهاء على أنه إذا اجتمعت جنائز يجوز أن يصلي عليهم مجتمعين أو فرادى ثم اختلفوا:
وقال مالك: أرى ذلك واسعاً إن جعل بعضهم خلف بعض، أو جعلوا صفاً واحداً، ويقوم الإمام وسط ذلك ويصلي عليهم. وإن كانوا غلماناً ذكوراً أو نساء جعل الغلمان مما يلي الإمام والنساء من خلفهم مما يلي القبلة، وإن كن نساء صنع بهن كما يصنع بالرجال كل ذلك واسع بعضهم خلف بعض صفاً واحداً.
الحدث في صلاة الجنازة:
وقال مالك: إذا أحدث إمام الجنازة يأخذ بيد رجل فيقدمه فيكبر ما بقي على هذا الذي قدمه، ثم إن شاء رجع بعد أن يتوضأ فصلى ما أدرك وقضى ما فاته، وإن شاء ترك ذلك.
**/ الصلاة على القبر:
وقال مالك: لا يصلى على القبر إن دفن قبل أن يصلى عليه، أخرج وصلي عليه ما لم يفت الدفن، فإن فات صلي عليه في قبره.
الصلاة على الجنازة في المسجد:
وقال مالك: أكره أن توضع الجنازة في المسجد، فإن وضعت قرب المسجد للصلاة عليها فلا بأس أن يصلي من في المسجد عليها بصلاة الإمام الذي يصلي عليها إذا ضاق خارج المسجد بأهله.
(والراجح عند الفقهاء الصلاة على الميت في المسجد)
الصلاة على الجنازة في المقبرة:
فيها للفقهاء قولان:
أحدهما: لا بأس بها، وهو مذهب الحنفية كما تقدم ورواية عن أحمد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر، وهو في المقبرة.
والقول الثاني: يكره ذلك، لأنه ليس بموضع للصلاة غير صلاة الجنازة فكرهت فيه صلاة الجنازة كالحمام.
ولا يصلى على من لم يستهل بعد الولادة كما تقدم.
وإذا اختلط موتانا بكفار صلي عليهم مطلقاً في أوجه الأقوال.
أما الشافعية فلم يستثنوا من الصلاة على الميت إلا الكافر والمرتد.
**/ من له ولاية الصلاة على الميت:
قال المالكية: الأحق بالصلاة عليه وصي الميت إن كان أوصى إليه رجاء بركته وإلا فلا، ثم الخليفة وهو الإمام الأعظم، وأما نائبه فلا حق له في التقدم إلا إذا كان نائبه في الحكم والخطبة، ثم أقرب العصبة فيقدم الابن، ثم ابنه ثم الأب، ثم الأخ، ثم ابن الأخ، ثم الجد، ثم العم، ثم ابن العم وهكذا.
**/ ما يفسد صلاة الجنازة وما يكره فيها:
تفسد صلاة الجنازة عند الحنفية بما تفسد به سائر الصلوات من الحدث العمد والكلام، والعمل الكثير وغيرها من مبطلات الصلاة، إلا المحاذاة فإنها غير مفسدة في هذه الصلاة، لأن فساد الصلاة بالمحاذاة عرف بالنص، والنص ورد في الصلاة المطلقة فلا يلحق بها غيرها، ولهذا لم يلحق بها سجدة التلاوة حتى لم تكن المحاذاة فيها مفسدة، وكذا القهقهة في هذه الصلاة لا تنقص الطهارة، لأن القهقهة مبطلة بالنص الوارد في صلاة مطلقة، فلا يجعل واردا في غيرها.
وتكره الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها، وعند انتصاف النهار، لحديث عقبة بن عامر: ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيها وأن نقبر فيها موتانا.
والمراد بقبر الموتى الصلاة على الجنازة دون الدفن.
أما إذا حضرت قبل الوقت المكروه فأخرها حتى صلى في الوقت المكروه فإنها لا تصح وتجب إعادتها.
ولا يكره أن يصلي على الجنازة بعد صلاة الفجر، أو بعد صلاة العصر، وكذا بعد طلوع الفجر، وبعد الغروب قبل صلاة المغرب، ولكن يبدأ بعد الغروب بصلاة المغرب أولا، ثم بالجنازة ثم بالسنة.
وقال ابن المبارك: معنى هذا الحديث "أو أن نقبر فيها موتانا" يعني الصلاة على الجنازة، وكرهها ابن المبارك عند طلوع الشمس وعند غروبها، وإذا انتصف النهار حتى تزول الشمس (كما قال أبو حنيفة) وهو قول أحمد وإسحاق وهو قول مالك والأوزاعي وهو قول ابن عمر.
هذا ونسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. والله اعلم واحكم .

20‏/07‏/2017

ترجمة سيدي الشيخ عبد السلام بن مشيش رحمه الله تعالى

نسبه وولادته:
 سيدي عبد السلام بن مشيش بن مالك بن علي بن حرملة بن سلام بن مزوار بن حيدرة بن محمد ين إدريس الأكبر بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم كانت ولادته سنة 559 ه-1198م .
حياة ابن مشيش:
تعلم في الكتّاب فحفظ القرآن الكريم وسنه لا يتجاوز الثانية عشر ثم أخذ في طلب العلم .
 كان سيدي ابن مشيش يعمل في فلاحة الأرض كباقي سكان المنطقة , ولم يكن متكلا على غيره في تدبير شؤون معاشه . تزوّج من ابنة عمه يونس وأنجب منها أربعة ذكور هم: محمد وأحمد وعلي و عبد الصمد وبنتا هي فاطمة . وكان رضي الله عنه في العلم في الغاية , وفي الزهد في النهاية , جمع الله له الشرفين الطيني والديني , وأحرز الفضل المحقق اليقيني . وكان علاوة على علو همته وحاله , عالماَ فاضلاَ جليل القدر , لاينحرف عن جادة الشريعة قيد شعرة , متحمساَ للدين , عاملاَ على نشر فضائله .
شيوخه :
 كان رضي الله عنه ذا جد واجتهاد ومحافظة على الأوراد قطع المقامات والمنازلات حتى نفذ إلى طريق المعرفة بالله , فكان من العلم في الغاية و من الزهد في النهاية .
 من مشايخه في الدراسة العلمية العلامة سيدنا أحمد الملقب (أقطران ) وهو دفين قرية أبرج قرب باب تازة , ومن مشايخه شيخه في التربية والسلوك , سيدنا عبد الرحمن بن حسن العطّار الشهير بالزيات , الذي أخذ عنه علوم القوم التي مدارها على التخلق بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم , فنال من ذلك الحظ الأوفر .
مآثره العلمية :
 لعل قلة المآثر عن سيدنا عبد السلام بن مشيش , مع عظم قدره الذي رأيناه في تلميذه أبي الحسن الشاذلي , هو أنه كان شديد الخفاء , فمن أدعيته ” اللهم إني أسألك اعوجاج الخلق عليّ حتى لا يكون ملجئي إلا إليك ” وقد استجاب الله للشيخ مراده فبلغه من الخفاء حتى لم يعرفه إلا الشيخ أبو الحسن الشاذلي , الذي صارت الطريقة تنسب له , أما مآثره العلمية التي وصلتنا عن طريق تلميذه سيدي أبو الحسن , فهي مجموعة من المرويات التي تتميز بنقاء العبارة وصفائها وتوافقها مع الكتاب والسنة منها :
قال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه :
 أوصاني شيخي فقال : لاتنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله ولاتجلس إلا حيث تأمن غالباً من معصية الله , ولاتصحب إلا من تستعين به على طاعة الله .
وقال مخاطبا تلميذه أبا الحسن :
 التزم الطهارة من الشكوك , كلما أحدثت تطهرت , ومن دنس الدنيا كلما ملت إلى الشهوة أصلحت بالتوبة ما أفسدت بالهوى أو كدت , وعليك بصحبة الله على التوقير والنزاهة .
 ومن أهم ماوصلنا من النصوص لسيدي عبد السلام بن مشيش هو نص الصلاة المشيشية , وهو نص فريد ما إن تخالط كلماته الروح حتى تحلق بصاحبها في أجواء من السمو وملكوت الجمال , وقد كانت محط أنظار الشرّاح .
وفاته :
 ولعل سبب خروج سيدي عبد السلام من خلوته تصديه لابن أبي الطواجن الكتامي الذي ادعى النبوة وقد أثر في بعض الناس من أبناء عصره , فحمل عليه وعلى أتباعه بالمنطق والأدلة الدينية قولاً وعملاً حملات شعواء , حفزتهم على الكيد له وتدبير مؤامرة لقتله , فبعث بجماعة للشيخ كمنوا له حتى نزل من خلوته للوضوء والاستعداد لصلاة الصبح فقتلوه سنة 622 للهجرة .
رحمه الله تعالى رحمة واسعة , وجمعنا به في مقعد صدق عند مليك مقتدر .
 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً .
ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نشاطات في أماكن مفتوحة‏‏

أدلة شرعية على جواز التبرك بآثار الصالحين

أدلة شرعية على جواز التبرك بآثار الصالحين
هذه مجموعة من الأدلة الشرعية على جواز التبرك بآثار الصالحين وتحري الدعاء والصلاة عند قبورهم.
أولا: أدلة من السنة:
11- عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أتيت بدابة فوق الحمار ودون البغل خطوها عند منتهى طرفها فركبت ومعي جبريل عليه السلام فسرت فقال انزل فصل ففعلت فقال أتدري أين صليت؟ صليت بطيبة وإليها المهاجر ثم قال انزل فصل فصليت فقال: أتدري أين صليت؟ صليت بطور سيناء حيث كلم الله عز وجل موسى عليه السلام ثم قال: انزل فصل , فنزلت فصليت فقال: أتدري أين صليت؟ صليت ببيت لحم حيث ولد عيسى عليه السلام " اهـ
هذا الحديث أخرجه النسائي في المجتبى (1 221 , 222) والطبراني في مسند الشاميين (1 / 1944) وابن عساكر في تاريخ دمشق (65 / 281) قال الحافظ ابن حجر في الإصابة (4 / 764) : وأخرجه النسائي من حديث أنس مرفوعا بسند لا بأس به وله شاهد عند البيهقي من حديث شداد بن أوس وحسن إسناده ابن كثير بعدما أنكره في - تفسيره (3 / 15) - وقال ابن كثير في قوله الأخير في البداية والنهاية (2 / 66) رواه النسائي بإسناد لا بأس به عن أنس مرفوعا والبيهقي بإسناده وصححه , أما حديث شداد بن أوس فقد صححه البيهقي كما ذكر ابن كثير , قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1 / 73 , 74) : رواه البزار (8 / 409 , 410) والطبراني في الكبير (7 283) وفيه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء وثقه يحيى بن معين وضعفه النسائي ووثقه أيضا ابن حبان (8 / 113) وقال أبو حاتم: شيخ لا بأس به (الجرح والتعديل 2 / 209) قال الحافظ في التقريب (1 / 99) صدوق يهم كثيرا.
2- عن محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه أنه قال: عدل إلي عبد الله بن عمر وأنا نازل تحت سرحة - شجرة عظيمة - بطريق مكة فقال: ما أنزلك تحت هذه السرحة فقلت: أردت ظلها فقال: ذلك , فقلت: لا ما ذلك , فقال عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا كنت بين الأخشبين من منى - ونفخ بيده نحو المشرق - فإن هناك واديا يقال له السرر به شجرة سر تحتها سبعون نبيا " اهـ
 وهذا نص قطعي وواضح للترغيب في زيارة أثار الأنبياء أشار به النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر رضي الله عنهما عندما يكون عند الأخشبين.
هذا الحديث رواه الإمام مالك في الموطأ (1 / 4233) - وكما هو معلوم فإن كل ما في الموطأ صحيح - والإمام أحمد في مسنده (2 / 138) والحافظ النسائي في المجتبى (5 / 284) وابن حبان في صحيحه (14 / 137) والبيهقي في الكبرى (5 / 139 (
3- أخرج الإمام البخاري في صحيحه (1 / 1899) من حديث يزيد بن أبي عبيد قال:" كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف فقلت: يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة قال: فإني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها. "اهـ
4- قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1 / 571) :
 "وفي الترمذي من حديث عمرو بن عوف أن النبي صلي الله عليه وسلم صلى في وادي الروحاء , وقال " لقد صلى في هذا المسجد سبعون نبيا " , الثالث عرف من صنيع ابن عمر استحباب تتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم , والتبرك بها وقد قال البغوي من الشافعية: إن المساجد التي ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى فيها لو نذر أحد الصلاة في شيء منها تعين كما تتعين المساجد الثلاثة " اهـ
ثانيا: أدلة من فعل الصحابة رضي الله عنهم
11- قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة رأيت أسامة قال ورأيته يصلي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فخرج مروان بن الحكم فقال تصلي عند قبره , قال إني أحبه فقال له قولا قبيحا , ثم أدبر فانصرف أسامة فقال لمروان: إنك آذيتني وإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول " إن الله يبغض الفاحش المتفحش وإنك فاحش متفحش " اهـ
رواه ابن حبان في صحيحه (12 / 506 برقم 5694) والطبراني في الكبير (1 / 166 برقم 5044) وابن عساكر في تاريخ دمشق (57 / 248 , 249) والضياء في المختارة (4 / 106 , 107 برقم 1317 , 1318) واللفظ له وهذا الحديث صححه ابن حبان والحافظ المقدسي وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 64 , 65) رواه الطبراني ورجاله ثقات , وقد ذكر هذه القصة الحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب (1 76 , 77) والذهبي في سير أعلام النبلاء (2 / 502 , 4 / 483) والحافظ ابن حجر في فتح الباري (10 / 453) وقال: صححه بن حبان. والمناوي في فيض القدير (2 / 285) ونقل توثيق الهيثمي
22- عن أم علقمة " أن امرأة دخلت بيت عائشة فصلت عند بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهي صحيحة فسجدت فلم ترفع رأسها حتى ماتت فقالت عائشة: الحمد لله الذي يحيي ويميت إن في هذه لعبرة في عبد الرحمن بن أبي بكر رقد في مقيل له قاله فذهبوا يوقظونه فوجدوه وقد مات فدخل نفس عائشة تهمة أن يكون صنع به شرا وعجل عليه فدفن وهو حي فرأت أنه عبرة لها وذهب ما كان في نفسها من ذلك " اهـ
رواه الحاكم (3 / 541) برقم 6011) ووافقه الذهبي , ورواه البيهقي في شعب الإيمان (7 / 2566) برقم 10222) .
3- كان أبو هريرة يحدث ويقول:" اسمعي يا ربة الحجرة اسمعي يا ربة الحجرة وعائشة تصلي فلما قضت صلاتها قالت لعروة ألا تسمع إلى هذا ومقالته آنفا؟ إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا لو عده العاد لأحصاه" اهـ
رواه الإمام البخاري (3 / 1307) ومسلم (4 / 2298) واللفظ له وأبو داود (3 / 320 , برقم 36544) وأبو يعلى (8 / 136) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6 / 578) تعليقا على رواية البخاري سبحتي بمعنى صلاتي - كما تقول سبحة الضحى أي صلاة الضحى - وانظر إلى صلاة السيدة عائشة رضي الله عنها في بيتها سبحة الضحى عند ابن أبي شيبة في مصنفه (2 / 175
4- قال الإمام النووي في ترجمة عقبة بن عامر الصحابي
(تهذيب الأسماء " 1 / 308 , 309 ") ما نصه:
 " عقبة بن عامر الصحابي رضي الله عنه كان البريد إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بفتح دمشق ووصل المدينة في سبعة أيام ورجع منها إلي الشام في يومين ونصف بدعائه عند قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم وتشفعه به في تقريب طريقه " اهـ
5- ورد في الأثر الصحيح:
 الذي رواه ابن شيبة والبيهقي وابن عساكر " عن مالك الدار قال: وكان خازن عمر على الطعام قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فأتى الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر فأقرئه وأخبره أنكم مسقون وقل له عليك الكيس عليك الكيس فأتى عمر فأخبره فبكى عمر ثم قال: يارب لا آلو إلا ما عجزت عنه " اهـ
رواه ابن أبى شيبة (6 / 356 برقم 320022) والبيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر في تاريخ دمشق (44 / 345) , (56 / 489) وهو حديث صحيح صححه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2 / 495 - 496) وابن كثير في البداية والنهاية (7 / 91 - 92) والحافظ الغماري (الرد المحكم ص 52 ,53) وقد أورد هذه القصة أيضا بدون نكير ابن جرير الطبري في تاريخه (2 / 509) (ولكن بإسناد آخر) والحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب (3 / 1149) وأبو يعلى القزويني في الإرشاد (1 / 314) . اهـ
6- ففي الاستيعاب لابن عبد البر (4 / 1807 - 1808)
وتاريخ دمشق لابن عساكر (25 /96) :
 " وروى ابن عيينة عن إسماعيل بن خالد قال خطب عمر بن الخطاب أم كلثوم بنت أبى بكر إلى عائشة فأطمعته وقالت: أين المذهب بها عنك؟ فلما ذهبت قالت الجارية: تزوجينني عمر وقد عرفت غيرته وخشونة عيشه والله لئن فعلت لأخرجن إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصيحن به إنما أريد فتى من قريش يصب على الدنيا صبا قال: فأرسلت عائشة إلى عمرو بن العاص فأخبرته الخبر فقال عمرو: وأنا أكفيك فقال: يا أمير المؤمنين لو جمعت إليك امرأة فقال: عسى أن يكون ذلك في أيامك هذه , قال: ومن ذكر أمير المؤمنين قال: أم كلثوم بنت أبى بكر قال مالك ولجارية تنعى إليك أباها بكرة وعشيا قال عمر: أعائشة أمرتك بذلك؟ قال نعم فتركها: قال فتزوجها طلحة بن عبيد الله وقال على: لقد تزوجها أفتى أصحاب محمد صلى الله عليه.
وقد استدل ابن قدامه الحنبلي في المغنى (7 / 333) على صحة تزويج البنت قبل بلوغها بهذه الحادثة." اهـ
77- عن عبد الله بن دينار أنه قال: ثم رأيت عبد الله بن عمر يقف على قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو ,ثم يدعو لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما. " اهـ رواه البيهقي في السنن الكبرى (5 / 245)
8- عن عبد الله بن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح على النبي صلى الله عليه وسلم ثم انصرف " اهـ رواه البيهقي في شعب الإيمان (3 / 491) وإسناده حسن
9- عن عبد الرحمن بن صفوان قال:
 "لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت: لألبسن ثيابي فكانت داري على الطريق فذكر الحديث إلى أن قال: فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت من كان معه , أين صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ركعتين عند السارية الوسطى عن يمينها , قال الهيثمي في المجمع (3 / 295) رواه البزار وفيه حديث عمر بن الخطاب أنه صلى ركعتين ورجاله رجال الصحيح
10- وفي مسند الإمام أحمد (2 / 75) :
" عن عبد الله بن أبي مليكة أن معاوية قدم مكة فدخل الكعبة فبعث إلي ابن عمر ثم قال أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلى بين الساريتين بحيال الباب , فجاء ابن الزبير فرج الباب رجا شديدا ففتح له فقال لمعاوية: أما أنك قد علمت أني كنت أعلم مثل الذي يعلم ولكنك حسدتني " اهـ
11- ففي تاريخ دمشق لابن عساكر (7 / 137)
والغساني في أخباره (1 / 45 -46) برقم (75) :
[أن بلالا - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - رأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول له: ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني يا بلال فانتبه حزينا وجلا خائفا فركب راحلته وقصد المدينة فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه وأقبل الحسن والحسين فجعل يضمهما ويقبلهما، فقالا له: يا بلال نشتهي نسمع آذانك الذي كنت تؤذنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم في السحر، ففعل فعلا سطح المسجد فوقف موقفه الذي كان يقف فيه فلما أن قال: الله أكبر الله أكبر ارتجت المدينة فلما أن قال: أشهد أن لا إله إلا الله، زاد تعاجيجها فلما أن قال: أشهد أن محمدا رسول الله خرج العواتق من خدورهن فقالوا: أبعث رسول الله، فما رئي يوم أكثر باكيا ولا باكية بعد رسول الله من ذلك اليوم.] اهـ
وهذه الحادثة قال عنها الشوكاني في نيل الأوطار (5 / 180) : وقد رويت زيارته صلى الله عليه وآله وسلم عن جماعة من الصحابة منهم بلال عند ابن عساكر بسند جيد وحسنه غير واحد من العلماء وإن قال عنها الذهبي في السير (1 / 358) إسناده لين. اهـ
وقد ذكر هذه القصة دون نكير الحافظ المزي صاحب ابن تيمية في كتابه تهذيب الكمال، والإمام النووي في تهذيب الأسماء وغيرهما. اهـ
قلت:
وقد جود إسناد هذه الرواية: الإمام السبكي في شفاء السقام (صـ 55) وقال: (روينا ذلك بإسناد جيد إليه وهو نص في الباب) اهـ. وقال في (صـ 57) : [وليس اعتمادنا في الاستدلال بهذا الحديث على رؤيا المنام فقط، بل على فعل بلال، وهو صحابي، لاسيما في خلافة عمر رضي الله عنه والصحابة متوافرون، ولا يخفى عنهم هذه القصة، ومنام بلال ورؤياه للنبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يتمثل به الشيطان، وليس فيه ما يخالف ما ثبت في اليقظة فيتأكد به فعل الصحابي.
وجود إسنادها أيضا الإمام ابن حجر الهيتمي في الجوهر المنظم (صـ 65) .